عندما ترافق أحد أصحابك متوجهين الى وجهة ما، فمن الطبيعي أن تلاحظ أن الطريق الأفضل ليس هو الطريق الأفضل لصاحبك فالطريق المحبب له هو الطريق الذي هو يعلمه أو اعتاد عليه، وليس بالضرورة أن فعلاً هو طريق مختصر أو أقرب ولربما كان هو الأبعد، ولكنه بكل تأكيد مريح لصاحبك، فكلٌ منا يحب أن يبقى قريباً مما يعلم
هل تحب أن تلعب الجولف ؟ إذا كنت لا تعلمها جيدا فمأكد أنك لا تحبها، وهكذا أمور الحياة، عندما يتعلم الإنسان أمر ما فإنه يلتصق به، فمن يحب صيد السمك لا يحاول أن يبحث عن هواية أخرى ومن يقرأ كتب القصص يحاول أن يبحث عن قصص جديدة، لكن المحصلة النهائية بعد مرور السنوات ستكون قليلة لأنه لم يضيف إلى معلوماته الجديد، وقد أعجبتني مقولة أن من يقرأ ما يحب لن يتعلم أبدا.
لكن لماذا نحب ما نعلم؟، أو بعبارة أخرى لماذا لا نحب المجهول ؟
الجواب بسيط، إن المجهول لن يتم علمه إلا بالتعلم، والجميع متفق على أن عملية التعلم مزعجة، فلذلك نحبآن نبقى مع ما نعلم ولا نحب مفاجآت المجهول، لكني وجدت أن الإنسان مجبر على التعلم، فمثلا قد تعمل بوظيفة مع شخص متسلط، وأنت لم تتعلم التعامل مع أشخاص هكذا، أو تتعامل مع إحدى والديك ويكون سريع الغضب، أو تضطر لأن تحمل هاتفا محمولا به تفاصيل ومعلومات كثيرة، فتجبر على التعلم كيف تتعامل مع أشخاص أو أجهزة أو ظواهر معينه، وهنا يتوجب عليك الجلوس على كرسي التلميذ لتتعلم مجدداً، وتعود لسؤال الأسئلة التي قد تجاب وقد لا تجاب فتبحث عن أجابتها، أن الجلوس على كرسي التلميذ هو ما نكره في المجهول فإننا لا نكره المجهول لذاته ولكننا نكرهه بسبب أسلوب الوصول إلى المعلومة.
إن أعظم ما يقدم المرء لنفسه من هدية أن يعلمها الجلوس والاعتياد على هذا الكرسي، وقد تيقنت أن أكثر الناس شقاء وهمّا وحزنا وضيقا هم أكثرهم قياما عن كرسي التلميذ، و أسعدهم أقعدهم ، فانهم يستبدلون الجلوس على الكرسي بذم المدرس الذي يعلمهم، وكلنا نعلم ان الحياة هي أكبر مدرسة، وان من يزعجوننا في الحياة هم أكبر مدرسيها.
Comments