عندما ولدنا صغاراً لم نكن نعلم أن لدينا جهاز هضمي، ومع ذلك لم نكن نحتاج أن نعلم، فالأكل يكون بفتح الفم، والجميع يعلم كيف يفتح فمه ولا يحتاج الطفل أن يتعلم تكوين وأجزاء الجهاز الهضم، وتبدأ عملية التعلم مع عملية الكبر، فيبدأ الإنسان باكتساب المهارات والخبرات ، فعندما يحترق لسانه بسبب ارتفاع حرارة الطعام فانه يعلم أنه قبل أكل الطعام يتوجب التأكد من درجة حرارته.
بعدها يبدأ بسؤال نفسه الاسئلة المترتبة على اكتساب هذه الخبرة فيتعلم بطريقة تلقائيه درجات الحرارة التي تكون مقبولة، واذا كبرنا أتتنا مشاكل الحياة لا تتعلم منا وانما لتعلمنا، وكل المطلوب منا هو أن نحرك شفتينا بالسؤال وأرجلنا بالبحث عن السبب ومع مرور الوقت تتراكم العلوم وقد لا تتراكم عند من لا يبحث، وإذا ابتعدنا قليلا عن مجريات الحياة وأساليب التعلم ونظرنا نظره عن بعد وحاولنا أن نرى الصورة الأكبر لوجدنا أن عملية التعلم اليومية هي من تشكل علم الإنسان الذي وصل له، كما انها تشكل عقلية الانسان لأنها هي من تحدد منطق وآلية التعلم، وهذه القرارات البسيطة التي يتخذها الانسان هي من تحدد ما سوف يؤول إليه الانسان، فمن يريد أن يتعلم سوف يجعل الأيام صهوة حصان سريع يأخذه إلي العلم والمعرفة في نواحي الحياة المتعددة، وأما من لا يتعلم من التجارب اليومية البسيطة ويبحث عن ما خلفها من أسباب سوف يجعل الأيام صهوة حصان خشبي، وكما يقول البروفيسور جيفري لانج عن سبب سجود الملائكة لأبينا آدم أنه العلم واستشهد بقول الله تعالي: "وَعَلَّمَ ءادَمَ الأَسماءَ كُلَّها ثُم عَرَضَهُم عَلَى المَلائِكَةِ فَقالَ أَنبِـٔونى بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صدِقين ،قالوا سُبحنَكَ لا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلَّمتَنا ۖ إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ
قالَ ياادَمُ أَنبِئهُم بِأَسمائِهِم ۖ فَلَمّا أَنبَأَهُم بِأَسمائِهِم قالَ أَلَم أَقُل لَكُم إِنّى أَعلَمُ غَيبَ السَّموٰتِ وَالأَرضِ وَأَعلَمُ ما تُبدونَ وَما كُنتُم تَكتُمون
وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لادَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ أَبىٰ وَاستَكبَرَ وَكانَ مِن الكفِرين
إن أسلوب الإنسان في إدارة حياته اليومية والتعلم منها سوف يشكل علمه ومنطقه وشخصيته، كما أن أي انحراف بسيط في أسلوب التعلم اليومي سيؤدي إلي فارق ضخم في النتائج مع مرور السنين، فلو اطلقنا صاروخاً إلي كوكب المريخ واخطئنا بتوجيهه ١ سنتيمتر إلى اليمين فأين يمكن أن يصل ؟
Comments