بالرغم من أن الشمس تشرق علينا قبلهم بنصف يوم إلا ان ضياء علومهم قد أنار ليلهم قبل ليلنا بنصف قرن، وفي هذا البلد الذي أبهر العالم، بصناعة أفلامه وصناعاته و أسلحته يستمر الإبهار وأصبح معلماً يزورهم ويزورونه فهو جزء من ثقافتهم وممارساتهم اليومية، فلا طعام يقبلون به دون الإبهار ولا سيّارة يركبونها دون الإبهار ولا برنامج تلفزيوني أو فيلم وحتى حدائق ترفيه أطفالهم تجد فيها الإبهار ، لكنه يرفع سقف تكاليف حياتهم ، ففنجان قهوتهم المبهر قد تضاعف ثلاث اضعاف مقابل الحصول على الكثير من الإبهار في مستوى الخدمة والكثير من الابهار في حسن التعامل و إبتسامات العاملين والكثير من الإبهار في النظافة و ملائمة المكان ولكنك ستحصل على قليل من قطرات القهوة المركزة.
لكن الإبهار ليس حِكرا على أفلامهم و صناعتهم وإنما هو جزء من اسلوب تفكيرهم ولذا تجده في تفاصيل حياتهم اليومية ليجعل مطاردة الحلم الأمريكي (امريكان دريم) مطاردة جادّة - وإن كانت مستحيله - للحصول عليه ، ولذلك تجدهم يقترضون ليعيشون في مستوى الإبهار المرغوب ، وبعد الكثير من نكساتهم الإقتصادية والكساد الإقتصادي يرفضون أن يكون الإقتصاد والتوفير هو الحل فتجد ثقافة الإبهار تتدخل في إسلوب حل أزمة ديونهم وكساد أسواقهم فنتفاجأ أن حلهم لها هو زيادة الإنفاق!
وكما أن رجالهم يحلمون في الثراء الي حد الإبهار، فإن نسائهم يبحثن عن الجمال ، ولكن كل المساحيق لن تجعل من كل الرجال يقولون واو عن جمال المرأة ، فانتقل البحث عن الأبهار من الوجه إلى الثياب ، ولأن أجمل الثياب لا تكفي لأن تجعل كل الرجال يقولون واو فتحولوا إلى الكشف عن الجسد ، و لأن الغرائز (البهيمية) كفيلة بجعل أغلب الرجال ينظرون إلى الجسد المكشوف ، لذا تم الإستعانة بالغرائز ليبدأ التسابق في كشف الأجساد، حتى أصبحت الأجساد المكشوفة هي الزي الموحد لكل طلاب مدرسة الإبهار الأمريكية .
لكن حياتهم المادية المبهرة تحولت إلى المظهر وتركوا إبهار الروح ، فعاشوا ليجمعوا المال دون أن يملّوا الجمع ونسوا أن المال وسيلة المتعة و المتعة لا تتطلب مالاً وأن بعض الرضا كفيل بان يقلب شقاء الدنيا جنة ولكي نتمتّع تكفينا الابتسامة ، والابتسامة لن تطلب منّا كشف حساب بنكي قبل أن تزورنا ، ( ولكننا نتصوّر ذلك ونصدقه ) ، و حين نناديهم باسمائهم نجدها هي للأنبياء مثل داوود ( ديفيد ) ويعقوب ( جاكوب ) وغيرهم من القديسين لديهم ، ولو خرجوا من قبورهم ورأوا ثيابهم المنافية لدعواتهم بالحشمة وعلموا أن محاكمهم تحفظ الحقوق ، لطالبوا بحقوق ملكية أسمائهم أن تحفظ ، ثم عادوا لقبورهم .
Comments