في مقال بيوتنا الخشبية ( اضغط الرابط إن أحببت ) ذكرت كيف أن الانسان ينجر أفكاره، والعقل بعد أن ينتهي من بناء أفكاره وقناعاته التي يؤمن بها، يعيش داخل حدود هذه الافكار وهو البيت الخشبي الذي يعيش فيه ، وهنا أسال سؤال : هل من الطبيعي أن نزور الطبيب النفسي ؟ سنجيب جميعنا بأننا لا نحتاج الى طبيب نفسي، ولكن هل فحصنا تلك الفكرة قبل أن نعيش داخلها ؟ بتلقائية سنقول أن التفكير دليل منطقي أن عقولنا تعمل، ولو كان بها علِّة لم نفكر بها !، لكن هذا الاستنتاج خاطئ ، فالامراض العقلية مثل الامراض الجسدية ، فهي تزورنا ولكننا نكمل حياتنا.
بكل تأكيد لا يكاد أحد يخلو من الامراض الجسدية من كحة و عطاس والآم ..الخ كما أنه الأمراض العقلية هي ايضا موجوده بكثرة مثل الاكتئاب ، الافكار السلبية ، عدم الوعي باضرار ما نقول أو الغضب الغير مبرر ... الخ، أعجبني تعليق عميق من أحد الاخوة الذي لاتفارقه فكاهته ، يقول معلقا على مشاهداته حين تعرضه لغزو أصاب بلده من بلد محتل ، يقول متعجباً ، لاأدري كيف تحول كل من أعرفهم ممن هم سريعي الغضب الى حلماء ، فكانو يتعرضون للايذاء في الطريق وكانوا يقابلونه بابتسامة وطيب خلق "حيث أن قلة الادب تقابل بعقوبة الرمي المباشر بالرصاص " فالمقصد أن الانسان هو من يحدد أين ينتهي حلمه حسب الزمان والمكان والاشخاص .
لاتأتينا الامراض النفسية بسبب إصابتنا بفايروس ولكنها نتيجة ضغوط الحياة ، ففي تجربة مثيرة عرضوا ١٠ م الشباب ( الشباب من الاقل عرضه للامراض ) الى ظروف عمل وضغط نفسي ، تبين أن نسبة كبيرة منهم قد ظهرت عليه علامات الاكتئاب ، فالامراض النفسية كثيرة ومنها: اضطراب القلق ، اضطراب القلق الاجتماعي ، اضطراب الهلع ، الخوف من الأماكن العالية ، الوسواس القهري ، و اضطراب ما بعد الصدمة الإجهاد ....الخ*
إسمحولي بالقاء الضوء على مرض نفسي تزيد نسبته بالعالم العربي على ٢٠٪ ، من أعراض الاكتئاب الخفيف الشعور بالحزن المستمر والضيق واليأس ، أما إذا أهمل علاجه فقد يتطور الاكتئاب و يتحول الى فقدان الاهتمام والقدرة على الاستمتاع بمباهج الحياة أو اضطراب الشهية ، إما بزيادة الاكل أو فقدان الرغبة بذالك حسب طبيعة الشخص ، وقد يزيد الاكتئاب فيشعر المكتئب باضطراب النوم بالزيادة أو النقصان ، أما الإكتئاب الشديد فيصاحبه الشعور بالذنب والإثم وعدم الاحساس بقيمة الذات، رغم عدم اقتراف المريض لأي أعمال تدعو لمشاعر الذنب هذه.. ولكنه يرى أنه المسئول عن كل ما يحدث حوله من مصائب وآثام ، وقد يزيد فتكثر الأفكار عن الموت، وعدم قيمة الحياة، وتمنى الموت ونسبة عالية من المكتئبين يفكرون جدياً بالإقدام على الانتحار في حالات الاكتئاب المتقدمة ،وقد أثبتت دراسة لمجموعة من علماء النفس توقف بعض أجزاء من العقل للمرضى شديدي الاكتئاب بعد أصابتهم به لسنوات حيث يؤدي الى ضمور العقل .
يحكي كتاب جون فالينت ( حكمة الأنا "the wisdom of the Ego" ويقصد النفس ) أن العقل يطور خمس انظمة دفاعية ليحمي نفسة من الشعور بعدم الراحة ومن هذه الانظمة الدفاعية هي أسلوب التطرف حيث يقوم العقل بالتطرف اذا شاهد قصر غني وهنا تتحرك طبيعة الانسان فيشعر بالغيرة أو الحسد فيقول ان صاحب القصر لم يشتريه من مال حلال وانما من مال فيه غش ، ويشاهد الفقير محتاج فيشعر بمسؤوليته الاجتماعية إتجاهه وهذ الشعور غير مريح فيقول ان هذا الفقير لا يريد أن يفعل شي لنفسة ، فالعقل يقوم بذلك دون وعي محاولة ترك شعور لايريده لنفسه ويغلفه بشعور آخر يجد فيه الراحه ، وهنا تأتي الخطورة من أن الانسان إذا كرر ذالك الاسلوب والتفكير تتدمر الحقيقة ، فالحقيقة ليست مؤكدة أن مال الغني من حرام وليست مؤكدة أن الفقير لا يريد أن يعمل لكن الطبيعه البشرية تفترض ذلك لتهرب من الشعور المزعج أن غيرنا قد عمل بجد !
أن استخدام المكتئب لهذا التطرف مع أشخاص قد يتعامل معهم باستمرار أو بشكل يومي سيجعله يعجز عن فهمهم لوجود فرضيات غير حقيقية ( تصورات وليست حقيقة ) و هي من اختراعه ، فيجهل التعامل مع الحقائق ثم يصيبه الاحباط ويتحول الاكتئاب أو مرض آخر ، هذه إحدى خفايا أمراض النفس التى لا تعد ولا تحصى وقد يستعصي على الكثير من الاطباء تشخيصها ، ولا ننسى أن الدعاء يشفي الكثير من العلل ، فقد كان موسى عليه السلام ينعقد لسانه ويضيق صدره وكان سريع الغضب ولذلك سأل الله "قال رب إني أخاف أن يكذبون ( * ) ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون" فسأل الله" قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي" ولكن لا تكون كمن يسأل الله الولد وهو لم يتزوج فالاخذ بأسباب الشفاء من مراجعة الطبيب أمر ضروري يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" البخاري
Comments