top of page
بحث

درج الاّ منطق



في دهاليز عقل الأنثى ، تختبأ منطقة ال"لا منطق" ، رغم أن الرجال يحبون المغامرة ، الا أنهم في أدغالها يتيهون ، وفي أعماقها يغرقون ، يعصى على الحكماء فهمها ، وعلى العقلاء سبرها ، إنها فيلم ثلاثي الأبعاد ، رغم جمال الفيلم وإتقانه لن تحتاج نظّارة لتشاهده ، بل هي جيناتها الأنثوية .


ففي صغرها وكلما أوت الفتاة فراشها ، تسقي فيض مشاعرها هذه المنطقة من عقلها لتنمو وتكبر أشجارها حتى تغدو جنتها، إنها حلمٌ يقظوي غريب ، تصنعه في طفولتها ، لكن مصاعب الحياة تصهره فيصغر حلمها من جنة غناء ، حتى تتحول الى درجٍ من أدراج عقلها ، تجمع فيه من كل لحظة سعيدة عاشتها قطعة من ذكرى ، وحين تفتحه تستعيد براءة طفولتها وتشاهد فيه دميتها التي تحبها، وتمزج فيه أطيب عطورها وأقدمها، وفيه تستودع طموحها ، فيمتزج واقعها بأحلامها ، لكنه يبقى درج في عقلها ، تهرع إليه حين تدور رحى السنين وتعتصرها الايام ، تغلق غرفتها وتفتح درجها ، فتعيش في جنتها وتنظر دميتها وتتذكر أمنيتها ، ثم تبكي ....


حين تأتي الأزمات ، وفي تلك اللحظات العصيبة تكون الأنثى أماً ، أو زوجةً ، أو تكون فتاة ، أحبطها الواقع ، وآلامتها الأحوال، فتخرج من غمد عيونها دمعها ، فهي سلاحها الانجع في الأيام الضارية ، وحين تبكي تتذكر مرجاً أخضر طالما افترشته في طفولتها ، ولأنها في ضيق وحزن ، تجد كل السعادة حين تفتح هذا الدرج ، وتحضن دميتها ، وتشتم عطرها ، وتشتاق أمانيها التي قطعتها الأيام ، ومزقتها الليالي ، فيشتد بكائها لكنها تتمتع !


يقول شكسبير:" إن محاولة التفاهم مع الأنثى وهي تبكي يشبه تقليبك لأوراق الجريدة وسط العاصفة ، فقط إحتضنهآ وسوف تهدأ"، وبالفعل فحين تجد بكائها ، وتحاول أن تهدّئها لن تستطيع أن تقرأ من أفكارها كلمة ، ولن تستطيع أن تفهم من أقوالها موضوع ، إنه درج ال"لا منطق " قد فتح ، فهي تعيش في حلمها اليقظوي ، تمتزج فيه أحلام طفولتها ، و تتقاطع فيه أمنياتها مع واقع يضغط عليها ، وطموحٍ يتلاشى ، لا تحاول أن تتناقش معها، أو تشرح لها ، لا تحاول أن تجري حواراً أجوف ، لكنك إن أردت مساعدتها لتخرجها من ضيقها ، أعد إليها شيئا من درجها ، أو أرجع لها أمنياتها التي ضيعتها ، وأن عجزت ، فقدم لها العزاء بما ضاع ولو بحضنة .


مشاهدة واحدة (١)٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page